من أسرار وإعجاز ترتيب كلمات الحمد في القرآن للأستاذ / محمد حمدي السنيدار

مقدمة


الحمد الله رب العالمين الحميد المجيد الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، حمد نفسه في أول سورة من كتابه الحكيم وذلك في قوله: (الحمد لله رب العالمين) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ملك فقدر ، وعلى فقهر ، وبطن فحير ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله خير من وحد الله وحمده ، ووصف ربه ومجده ، وبعــد:
فمن خلال بحثي عن كلمات الحمد وتجميعها من كتاب الله عز وجل وترتيبها حسب ترتيب سور القرآن الكريم وآياته وكلماته من بداية سورة الفاتحة إلى آخر السور والآيات التي ذكرت كلمات الحمد ومشتقاتها (محور البحث) ،
فوجدت كلمة الحمد ذكرت في (44) سورة و (66) آية و (68) كلمة ، وبدأت أول كلمة للحمد ومشتقاته في أول سورة الفاتحة آية رقم (2) وختمت في سورة النصر آية رقم (3) ، ووجدت بحمد الله تعالى في هذا الترتيب الطريقة المثلى والنموذج السليم لمعرفة حقائق الإعجاز العددي القرآني كما سيتبين من خلال هذا البحث المتواضع .

هدف البحث :

يهدف البحث إلى إظهار وإبراز الكثير من أدلة الإعجاز العددي في القرآن الكريم وإشاراته إلى مختلف العلوم (شرعية – أو كونية – أو تاريخية – أو علمية ) وذلك من خلال ارتباط العدد بترتيب كلمة الحمد ومشتقاتها في الآية وفي السورة مع ما تتضمنه وتشير إليه الآية التي ورد فيها ذكر الكلمة ، وما هذا البحث إلا نموذجاً ومثالاً واحداً فكلمات القرآن (كنز لا ينفد) .
ملخص البحث:

يتلخص البحث في قسمين كالآتي :
القسم الأول :

يحتوي على بعض أوجه الإعجاز العددي القرآني المختلفة وذلك بحسب الترتيب العام لكلمات الحمد ومشتقاتها كما في الجدول السابق فنقول :

الوجه الأول : الحمد والفاتحة :

- في التوحيد : بما أن أول كلمة للحمد جاءت في أول سورة من القرآن الكريم واقترنت باسم الله الأول الذي يستحق كل معاني الحمد فقد دل ذلك الترتيب على أن خالق الوجود وربه المعبود هو الله الواحد الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية ، الظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء لذلك حمد الله نفسه وأمرنا بحمده في الصلاة خصوصاً فنقول :{الحمد لله رب العالمين} (2) سورة الفاتحة.
- في الكون : كلمة الحمد جاءت في الآية رقم (2) من سورة الفاتحة والتي ذكر فيها الكون كله ملخصاً في كلمة (العالمين) أي العوالم كلها ، وأول الأرقام الزوجية هو الرقم (2) ، وبناءً عليه فقد توصل بعض العلماء الباحثين في عناصر الكون إلى أن كل عنصر لا يقل تكوينه وتركيبه عن شيئين (2) ، مصداقاً لقوله تعالى : {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} سورة الذاريات
- في العبادة: كلمة الحمد التي في سورة الفاتحة هي الكلمة رقم (5) في سورة الفاتحة حيث سبقتها أربع كلمات (بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وسورة الفاتحة هي خامس خمس سور ابتدأ فيها الحمد بعد البسملة والسور هي ( الفاتحة – الأنعام – الكهف – سبأ – فاطر ) ، وسورة الفاتحة ترتيبها رقم (5) حسب التنزيل (العلق – القلم – المزمل – المدثر – الفاتحة ) ، ومعلوم أن أركان الإسلام خمسة ، والصلوات المفروضة خمس صلوات ، وقد جاء مصداقاً لما سبق حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « استكثروا من الباقيات الصالحات ، قيل : وما هنّ يا رسول الله؟ قال : ( التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوّة إلا بالله) » فتح القدير - (ج 4 / ص 397).فجاءت كلمة التحميد ضمن خمس كلمات هن خير الكلام.

الوجه الثاني : الحمد والإنفاق:

جاءت كلمة الحمد رقم (3) والآية رقم (3) في الترتيب العام لكلمات الحمد (انظر الجدول) والآية تأمر بالإنفاق قال تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}(267) البقرة ،
- ومعلوم أن الركن رقم (3) من أركان الإسلام هو (الزكاة ) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - وَإِقَامِ الصَّلَاةِ - وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ - وَالْحَجِّ - وَصَوْمِ رَمَضَانَ) صحيح البخاري - (ج 1 / ص 11).
ولا يخفى أن في مجيء كلمة الحمد في الرقم (3) مقرونة بالإنفاق تشير إلى القاعدة الشرعية التي حددت أقصى حد للإنفاق من المال وهو الثلث والثلث كثير كما جاء في (الحديث المشهور) والمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص .
- والإنفاق يشمل صدقات التطوع أيضاً ، وقد أشارت كلمة الحمد إليه ، ومصداقاً لذلك ما روي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر :( ألا أدلك على صدقة تملا ما بين السماء والارض : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله " في يوم ثلاثين مرة). مصنف ابن أبي شيبة (ج 7 / ص 117).

الوجه الثالث : الحمد و ( محمد صلى الله عليه وسلم ) :

الكلمة رقم (4) للحمد ومشتقاته هي كلمة (محمد) اسمه صلى الله عليه وسلم مكون من أربعة حروف وذكر في القرآن كله بهذا الاسم (4) مرات في (4) سور هي :(آل عمران – الأحزاب – محمد – الفتح) ، ومصداقاً لهذا الترتيب القرآني المعجز ووجوه الإعجاز في ترتيب كلمات الحمد ، ذكر لواء الحمد بيد النبي صلى الله عليه وسلم في المرتبة رقم (4) في الحديث المروي عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ - وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ - وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ - وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ).سنن ابن ماجه(ج12ص 366).

الوجه الرابع : الحمد وبدء خلق السموات والأرض:

جاءت الكلمة رقم (7) (من الترتيب العام لكلمات الحمد ) في بداية الآية رقم (1) من سورة الأنعام والتي رقمها (6) والمتضمنة خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور قال تعالى :

7-6-165-الأنعام-1- الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون

وفي ذلك دلالات إلى ما يلي:
- بما أن رقم الآية (1) في السورة رقم (6) وبدئت بكلمة الحمد وهي أول آية تذكر خلق السماوات والأرض في جدول ترتيب كلمات الحمد ، ومرتبة كلمة الحمد في الجدول رقم (7) ، ففي ذلك كله إشارة إلى بدء خلق السموات والأرض مرتوقتين حيث كانتا شيئاً واحداً (1) (رقم الآية وابتدائها بكلمة الحمد) قبل فتقهما فكانتا (7) سموات و(7) أرضين (ترتيب كلمة الحمد) ، وتم وضع جميع النعم وتهيئتها بما يتناسب مع احتياج الإنسان كل ذلك في زمن مقداره (6) أيام ورقم السورة واسمها يوافق ذلك. فوجب علينا حمد الله سبحانه وتعالى على تلك النعم ، ِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِي فَقَالَ ( سُبْحَانَ اللَّهِ نِصْفُ الْمِيزَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَاللَّهُ أَكْبَرُ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالطُّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ). مسند أحمد(ج 37ص 235).
الوجه الخامس: الحمد والرسالات السماوية :
جاءت كلمة الحمد رقم (9) في الترتيب العام لكلمات الحمد في الآية المتضمنة حمد الله وثناؤه على لسان أهل الجنة وإقرارهم بأن ما جاءت به الرسل هو الحق والهدى قال تعالى :

9- 7-206-الأعراف-43- ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون
والرقم (9) يشير إلى الشهر القمري (التاسع) وهو شهر رمضان المبارك والذي أنزل فيه القرآن والكتب السماوية الأخرى التي أنزلت على رسل الله وهي (صحف إبراهيم -التوراة – والإنجيل) ، ومصداقاً لذلك ما روي عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ). مسند أحمد (ج 34 ص 346)

الوجه السادس: الحمد والجنة والملائكة (توافق عددي):

- لقد جاءت كلمة الحمد رقم (10) في الترتيب العام لكلمات الحمد في الآية التي تتضمن صفات أهل الجنة وهي (10) صفات ذكرتها الآية قال تعالى:{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (112) سورة التوبة ، والمبشرون بالجنة (10) من الصحابة الكرام .

- أيضاً:جاءت الكلمة رقم (11) في الترتيب العام لكلمات الحمد في الآية التي تذكر دعوى أهل الجنة في الجنة وجاء ذكر الحمد في كلمات الآية الكلمة رقم (11) من بداية الآية إليها، قال تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (10) سورة يونس.
- عدد الآيات والسور التي ذكرت (جنات عدن) في القرآن الكريم كاملاً (11)آية في (11) سورة هي:
(التوبة - الرعد – النحل - الكهف - مريم – وطه – فاطر - ص – غافر - الصف – البينة) .
- روي عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الجنة لتزين من الحول إلى الحول لشهر رمضان ، وإن الحور لتزين من الحول إلى الحول لصوام رمضان ، فإذا دخل رمضان قالت الجنة : اللهم اجعل لي في هذا الشهر من عبادك سكاناً ، ويقلن الحور : اللهم اجعل لي من عبادك في هذا الشهر أزواجا ، فمن لم يقذف مسلما فيه ببهتان ، ولم يشرب مسكرا كفر الله عنه ذنوبه ، ومن قذف فيه مسلما ، أو شرب فيه مسكرا أحبط الله عمله لسنته ، فاتقوا شهر رمضان ، فإنه شهر الله جعل الله لكم أحد عشر شهرا تأكلون فيها وتشربون وتتلذذون وجعل لنفسه شهرا فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله » شعب الإيمان للبيهقي(ج 8 / ص 142).
فالجنة تتزين مدة (11) شهراً أي من شوال إلى شعبان لشهر رمضان .
- وروى عن ابنٍ لأبي ثعلبة، عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى فقام رجل خلفه فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي وارحمني وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم. فقال: " من صاحب الكلام؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله - وهو رجل من بلي، ثم من الأنصار، يقال له: عتيبة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده ما خرج آخرها من فيك حتى رايت أحد عشر ملكاً يبتدرونها، أيهم يكتبها " .أخرجه أبو موسى وأبو نعيم. أسد الغابة (ج 2 / ص 245)

الوجه الثامن:الحمد وأبو الأنبياء عليه السلام (توافق عددي):

جاءت الكلمة رقم (12) في الترتيب العام لكلمات الحمد في الآية التي تذكر دعاء الملائكة لأهل بيت أبو الأنبياء عليه السلام قال تعالى: {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ}(73) سورة هود.
وجاءت كلمة إبراهيم عليه السلام في الصلوات الإبراهيمية التي نذكرها في الصلاة ليلاً ونهاراً الكلمة رقم (12) فقد روي عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ فَقُولُوا: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). صحيح البخاري (ج 19 / ص 441)
- وروي عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا فَقُلْتُ لِأَبِي مَا قَالَ فَقَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ). صحيح مسلم - (ج 9 / ص 335)

الوجه التاسع: الحمد وتسبيح الرعد :

جاءت كلمة الحمد رقم (13) في الترتيب العام لكلمات الحمد في السورة رقم (13) وفي الآية رقم (13) ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أن للترتيب والتسمية حكمة مقصودة قال تعالى :

13-13-43-الرعد-13- ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال
واسم سورة الرعد ينسجم مع حقيقة كونية مسموعة ومرئية وهي الرعد والبرق ولهما علاقة بالمطر ومواسم الزراعة ، وعلم الزراعة يعتمد في حسابه على المنازل (النجوم الزراعية) ومن المعلوم أن الشمس تسير في المنزلة الواحدة (13) يوماً وفي البرج الواحد (30) يوماً بالتقريب أي أنه في كل (3) بروج (7) منازل و(91) يوماً وذلك فصل كامل من فصول السنة .
ووجه الدلالة هنا أن الرقم (13) تكرر (3) مرات مع (ترتيب كلمة الحمد ورقم الآية ورقم السورة) وفي ذلك إشارة إلى أن الفصل الواحد (3) بروج ، والفصول الزراعية هي (3) فصول (الربيع – الصيف – الخريف) ومعالم الزراعة تقوم على المنازل (النجوم الزراعية) وعدد أيام كل نجم زراعي (13) يوماً أي أن معالم الزراعة تتغير كل (13) يوماً وهي مدة انتقال الشمس من منزلة لأخرى وهذه حقيقة زراعية معروفة لأهل الزراعة والحرث والله أعلم.

الوجه العاشر: الحمد والحروف النورانية (الحروف المقطعة) في سورة إبراهيم عليه السلام:

جاءت كلمة الحمد رقم (14) في الترتيب العام لكلمة الحمد في أول آية من سورة إبراهيم والتي رقمها (14) وهذه الآية التي رقمها العام في القرآن هو (1751) والذي مجموع أرقامه (1+5+7+1=14) وهي الآية الوحيدة من آيات الحمد(انظر الجدول) التي ذكرت الحروف النورانية قال تعالى:
14-14-52-ابراهيم-1- الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد

وقد ذكرت الآية نزول الكتاب ، والظلمات والنور وبناءً عليه يكون وجه الإعجاز ما يلي :
- الدلالة على نزول الكتاب من فوق (7) سموات إلى (7) أرضين = 14.
- الدلالة على عدد الحروف النورانية ( الحروف المقطعة ) المذكورة في أوائل السور وهي (14) حرفاً والحروف الظلمانية ( التي لم تذكر مع الحروف المقطعة) كما ورد وصفها في كثير من التفاسير.
- الدلالة على اليوم الذي تدخل فيه الشمس منزلة جديدة (الكواكب والنجوم الزراعية) خلال السنة وهو اليوم رقم (14) فهي كما ذكرنا سابقاً تسير في كل منزلة (13) يوماً وتدخل المنزلة الجديدة في اليوم (14) وهكذا ، فاليوم الرابع عشر عبارة عن مرحلة زراعية جديدة وقد رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام (الكوكب) لأن المنازل عبارة عن (كواكب ونجوم) في الآية رقم (76) و6+7=13 من سورة الأنعام وهي السورة رقم (6) والتي بدئت بقوله تعالى(الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور..) وجاء ترتيب الآية في جدول كلمات الحمد في المرتبة رقم (7) و6+7=13 ، ومصداقاً لذلك جاء ذكر كلمة النجوم في القرآن كله (13) كلمة ، والنجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر.
- الدلالة على نور القمر الذي رآه ( سيدنا إبراهيم عليه السلام ) في الآية رقم (77) و7+7=14 من سورة الأنعام ، فنور القمر يأخذ في الزيادة على ظلمته في (14) يوماً ، و(14) منزلة حتى اكتماله بدراً ، ومن ثم ظلمته تأخذ في الزيادة على النور في (14) يوماً و(14) منزلة حتى دخوله في المحاق (الظلمة الكاملة) وذلك خلال (الشهر) ، ومصداقاً لذلك جاء ذكر كلمتي (الأهلة + والقمر ) في القرآن كله (28) كلمة ، وفي ذلك إشارة إلى المنازل الـ (28) التي يقطعها القمر خلال الشهر ومسير النور فيه.
- الدلالة على فصلي (الصيف – والشتاء) حيث تسير الشمس نزولاً في فصل الصيف (14) منزلة (6بروج) ، وتسير صعوداً في فصل الشتاء (14) منزلة (6بروج) وذلك خلال السنة حتى تعود إلى نقطة البداية وقد رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام الشمس في سورة الأنعم رقم (6) في الآية رقم (78) و8+7=15 والرقم (15) هو عدد آيات سورة الشمس ورقم سورة الشمس في القرآن هو (91) وفي ذلك إشارة إلى أيام الفصل الواحد من الفصول الأربعة (الربيع – الصيف) و (الخريف – الشتاء) وإذا جمعنا رقم سورة الأنعام مع رقمي الآية 6+8+7=21 والرقم (21) يشير إلى الفصول الزراعية الثلاثة وهي (الربيع –الصيف – الخريف) وذلك مقدار مسير الشمس في (9) بروج وتسعة أشهر و(21) منزلة و(273) يوماً
ومصداقاً لذلك جاء ذكر كلمة الشمس في القرآن كله في (28) سورة فقط ، وفي ذلك إشارة إلى المنازل الـ (28) التي تقطعها الشمس خلال السنة .
وما ذكر من الدلالات الثلاث السابقة في هذا الوجه رآه سيدنا إبراهيم خليل الله ( عياناً محسوساً ).
- الدلالة على ما رآه سيدنا يوسف عليه السلام مجملاً في رؤياه في السورة المسماة باسمه والتي رقمها (12) (والبروج (12) برجاً) في الآية رقم (4) (وفصول السنة أربعة) قال تعالى:{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (4)سورة يوسف ، وقد جاء ترتيب كلمة الشمس من بداية القرآن إلى هنا في الرقم (6) ، وكلمة القمر مع كلمة الأهلة كذلك ، وقد اجتمع في هذه الآية ما رآه أبوه إبراهيم خليل الله وهي{(11)كوكباً + الشمس+القمر+ الأرض باعتباره محمولاً عليها} فذلك أربعة عشر جرماً من أربعة أجناس (الكواكب – والشمس – والقمر – والأرض) منها ثلاثة أجناس تسير في (12) برجاً في السماء التي تظل الإنسان ، والجنس الأخير الأرض وهي التي تقل الإنسان ، يرى ويحسب منها مسير تلك الأجرام في البروج ، والسجود المذكور في الآية دلالة على تسخير الله سبحانه وتعالى لما في السموات والأرض للإنسان فهي مسخرة مذللة له بإذن ربها ، فالسماوات السبع تظله ، والأرضين السبع تقله ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها : « اللهم رب السموات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما ذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها » صحيح ابن خزيمة - (ج 9 / ص 256).
- الدلالة على ما جاء في تأويل يوسف عليه السلام لرؤيا الملك في سورة يوسف عليه السلام قال تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ} (47-48) سورة يوسف وذلك تمام (14) سنة سبع سنين من الزراعة والحصاد فيها الخير والنعمة ، يقابلها سبع شداد وهي تأويل رؤيا الملك .
ونكتفي بهذا الشرح لعدم الإطالة علماً بأن هناك الكثير من الدلالات الكثيرة في كتاب الله وملكوته في هذا الباب والذي يحتاج إلى بحث خاص به .

الوجه الحادي عشر : الحمد والصلاة :

جاءت كلمة الحمد رقم (17) في الترتيب العام لكلمات الحمد (انظر الجدول) في سورة الحجر في الآية رقم (98) و8+9=17 ، وقد ذكرت الآية السجود ومعلوم أن السجود ركن من أركان الصلاة وهذه إشارة قرآنية إلى عمل تعبدي يومي وهي الصلوات الخمس المفروضة والتي عدد ركعاتها (17) ركعة قال تعالى: { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } (98-99)سورة الحجر ، وقد ذكر القرآن كلمة الصلاة (99) مرة ، وعدد آيات سورة الحجر (99) آية ، ختمت بذكر السجود والعبادة .
الوجه الثاني عشر:الحمد ونزول القرآن:
جاءت كلمة الحمد رقم (23) في الترتيب العام لكلمات الحمد في الآية الأولى من سورة الكهف والتي جاء فيها ذكر نزول الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى :

23-18-110-الكهف-1- الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا
وفي رقم ترتيب كلمة الحمد هنا إشارة إلى الـ(23) سنة التي استمر فيها نزول أشرف الكتب على أشرف البشر وفي أشرف الأماكن ، ومصداقاً لذلك ولأهمية تلك الفترة الزمنية المباركة فقد أشارة عدة آيات إلى ذلك كلها تحمل الرقم (23) وهي:
قوله تعالى: { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (23) سورة البقرة ،
وقوله تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ..} (23)الزمر
وقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً }(23) سورة الإنسان.

الوجه الثالث عشر: الحمد وبعثة الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام :

لقد تتبعنا كلمات الحمد ومشتقاتها وسرنا معها رويداً رويدا من سورة الفاتحة وحتى وصلنا إلى سورة الأحزاب وعند قوله جل وعلا :

39-33-73-الأحزاب-40- ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما

فوجدنا أن الكلمة رقم (39) في الترتيب العام لكلمات الحمد جاءت في سورة الأحزاب في الآية رقم (40) كما هو مبين في الآية السابقة ، وفي ذلك إشارة إلى عمر النبي صلى الله عليه وسلم عند بعثته حيث كان عمره (40) عاماً قمرياً ، و (39) سنة شمسية.
القسم الثاني :

يحتوي على بعض أوجه الإعجاز العددي القرآني المختلفة بحسب الترتيب التفصيلي لكلمات الحمد واقترانها بالكلمات والمواضيع المتنوعة كما يلي :

الوجه الأول: الحمد لله رب العالمين :

ذكرت كلمة الحمد مقترنة بكلمة العالمين في (7) آيات كما يلي:

1-1-7-الفاتحة-2- الحمد لله رب العالمين
2-6-165-الأنعام-45- فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
3-10-109-يونس-10- دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
4-37-182-الصافات-182- والحمد لله رب العالمين
5-39-75-الزمر-75- وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين6-40-85-غافر-65- هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين
7-45-37-الجاثية-36- فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين


لقد قمنا بإحصاء كلمتي (رب العالمين) المذكورتان في الآيات التي ذكرت الحمد موضوع بحثنا فوجدناها تكررت (7) مرات فقط وكما هو مبين في الجدول أعلاه وتضمنت الآية رقم (7) ذكر السموات والأرض ، ووجه الإعجاز فيها الإشارة الصريحة إلى سبع سموات وسبع أرضين وما فيهن ، ومما يؤكد هذا المفهوم قول ابن عباس في تفسير{ رَبِّ العالمينَ } قال : إله الخلق كله السموات كلهنّ ، ومن فيهنّ ، والأرضون كلهنّ ، ومن فيهنّ ، وما بينهنّ مما يُعلم ومما لا يُعلم . فتح القدير - (ج 1 / ص 8).

الوجه الثاني: الحمد وخصوصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
- ذكر اسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (محمد ، أحمد) -وهما من مشتقات الحمد- في القرآن كاملاً (5) مرات وفي (5) آيات و(5) سور كما يلي :

1-آل عمران-144- وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين
2-الأحزاب-40- ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما
3-محمد-2- والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم
4-الفتح-29- محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
5-الصف-6- وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين

وفي ذلك إشارة بينة إلى ما اختص الله سبحانه وتعالى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ،
- فعن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً) صحيح البخاري - (ج 2 / ص 58)
- الصلوات المفروضة (5) صلوات في اليوم والليلة ولم تفرض بهذا العدد إلا على النبي الأمي وأمته .
- الغنائم منها (الخمس) لله وللرسول ، قال تعالى : {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (41) سورة الأنفال.
الوجه الثالث : الحمد وكلمة (ربك):
-ذكرت كلمة (ربك) في (10) آيات فقط من بين الآيات التي ذكرت كلمة الحمد ومشتقاته (انظر صورة جدول ترتيب كلمات الحمد أعلاه)

وقد أشار ذلك إلى الحقائق التالية :
- الآية الأولى تقرر أن استخلاف آدم وذريته على الأرض قام على العلم وبهدف إقامة التوحيد وامتثال أمر الله فيما أمر به ونهى .
- الآية الثانية تأمر بإقامة العبادة والتي تعني الخضوع لله وحبه وتعظيمه وتنفيذ أمره ومن أخص خصائصها الصلاة التي أمر الله عبده ورسوله بها وكذلك أمته.
- الآية الثالثة تبين اختصاص الله لرسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخاصية فريدة على سائر الأنبياء والرسل والملائكة وهي المقام المحمود ، والمقام المحمود يشير إلى ثلاثة معاني :
أ- الشفاعة العظمى يوم القيامة.
ب-اللواء المحمود الذي سيقبضه محمد صلى الله عليه وسلم بيده دون الأنبياء عليهم السلام.
ج-جلوس النبي صلى لله عليه وسلم على كرسي الرحمن .
بالإضافة إلى ذلك خص الله رسوله بثلاث فرائض وهي الوتر والسواك وقيام الليل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث هن علي فرائض وهن لكم سنة الوتر ، والسواك ، وقيام الليل) فتح القديرج2.
- الكلمة رقم (6) في جدول ترتيب كلمات (ربك) والتي اقترنت بالحمد جاءت في الآية رقم (6) في سورة سبأ وقد تضمنت الآية كلمة الرؤية ، وفي ذلك إشارة إلى الحقيقة الطبية المعروفة عند أطباء العيون وهي: أن تقدير الرؤية الكاملة في العين الصحيحة للإنسان تكون 6/6 .

- جاءت الآية رقم (10) والأخيرة في جدول ترتيب كلمات (ربك) المقرونة بالحمد في سورة النصر والتي رقمها في القرآن العظيم (110) لتخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتهيأ للرحيل ومغادرة الحياة الدنيا إلى الآخرة ، وذلك في السنة العاشرة للهجرة ولذلك لما حج الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه بقرب رحيله فقال: (خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) ، ولما نزلت سورة النصر أدرك ابن عباس رضي الله عنهما أن السورة تنعي رسول الله إلى نفسه ، فقد ورد أنه قال: لما نزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعيت إلى نفسي وقرب إلى أجلي ).فتح القدير ج5 ص508 .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...

أ : محمد حمدي محمد السنيدار
كلية الصالح لعلوم القرآن

sonidr1@gmail.com

المراجع:

1-القرآن الكريم.
2-كتب السنة.
3-كتب السيرة.
4-فتح القدير.للإمام/الشوكاني.
5-تفسير ابن كثير.
6-ترتيب القاموس المحيط.

صورة لجدول ترتيب كلمات الحمد في القرآن الكريم


ر -ع - آية : أي الرقم العام للآية من بداية القرآن الكريم وحتى موضع الآية وذلك بين آيات القرآن كاملة ।
ر-ع-كلمة : أي الرقم العام للكلمة المذكورة في الآية بين كلمات القرآن كلها من بدايته وحتى موضع الكلمة ।
جمع وتصميم الأستاذ / محمد حمدي محمد السنيدار । كلية الصالح لعلوم القرآن ।